الناصرة
الناصرة هي أكبر مدن منطقة الجليل في إسرائيل. تعتبر المدينة مركزا إداريا وثقافيا والمركز الرئيسي لعرب 48. في الناصرة، بحسب الانجيل، فإن الملاك جبرائيل بشر مريم العذراء بولادة يسوع المسيح فنشأ المسيح فيها، وقد عاش المسيح غالبية سنين حياته فنُسِبَ إليها ودعي يسوع الناصري، كما يدعو البعض أتباعه بالنصارى.
اسم مدينة الناصرة
ان اسم مدينة الناصرة الكنعاني القديم هو "آبل" وسميت العبن أيضا قديما بعين آبل وهي اليوم عين العذراء التي تعني أيضا عين الحياة. لقد ذكر اسم الناصرة في العهد الجديد 29 مرة وهذا يعني بانها كانت مدينة مهمة في تلك الفترة بالرغم من عدم ذكر اسمها ولا مرة في العهد القديم. وهنالك تعليل آخر لاسم الناصرة التاريخي معناه مركز أو برج الحراسة. كما قبل بان اسمها يعني الجبل المرتفع أو منحدر الماء إلى مجراه, وليس هذا بعيدا عن شكل جبالها المشرفة على جميع الأنحاء. لقد تشعبت الأبحاث عن اصل ومصدر اسم الناصرة وبعضهم يقول بانها آرامية والآخر يقول بانها سيرانية أو عبرية أو عربية ولكن معانيها حصرت في بضع مضامين : 1- الزهرة أو البرعم المتفتح أو باقة الازهار أو بستان الشجيرات أو الزنبقة أو رونق الشيء واشراقه. 2- التنسك، الصوامع، مغاور النساك، مغاور وبيوت التنك. 3- الجبل، المركز، برج الحراسة، الجبل المرتفع، منحدر الماء. 4- النصر، فاعلة النصر. لقد ذكر المؤرخ ميريل في كتابه " الجليل في ايام المسيح " ان اسم الناصرة مأخوذ من جبل النبي سعين حسب رأي الأب عيسى اسككندر المعلوف ذلك الجبل المنتصب فوق المدينة كالحارس، والذي جاء في الاناجيل بان مدينتهم أي الناصرة كانت مبنية عليه عندما هرب وقفز المسيح عنه. ويقول أيضا الأب عيسى المعلوف بان معناها المنفصلة أو المختبئة وهذا بعيد عن الاصل. ولقد ذكرت كلمة " نتسيرت" لأول مرة باللغة العبرية في اشعار اليعيزير هلكيير في حوالي القرن الميلادي السابع. لكن مصدر اسم الناصرة الذي عرفت به منذ فجر التاريخ غير معروف لا المعنى الحقيقي والاصل، ولكن قيل بان هذا الاسم عبري ومعناه نصر وقبل بان معناه غصن لكثرة غابتها ونضارة اغصانها في الماضي. ويقال بان معناه ناصر أي مخلص والناصرة هي مؤنث ناصر في العربية وهو الجبل الذي عله ميل أو الجبل المرتفع. والناصر أيضا هو المطر. ولقد قالت القديسة باولا بان معناه زهرة لان الناصرة تبدو كالزهرة المتفتحة منخفضة في الوسط والجبال حولها كالاوراق. ولقد نسب السيد المسيح إلى الناصرة فدعي ناصريا أي نذيرا مكرسا لفداء بني الإنسان، ودعي بالناصري وتكنى اتباعه بالنصارى نسبة للناصرة التي سميت أيضا مدينة البشارة وسميت البيضاء لبياض مبانيها واراضيها، وسميت بام المغاور لكثرة المغاور المحفورة في جبالها وصخورها. وذكرت الناصرة أيضا في معجم ما استعجم باسم نصورية، قرية بالشام إليها تنسب النصرانية. وذكرت باسم ناصرت ونتسيرت ونازرت. اما صاحب معجم البلدان فقال عن معناها : الناصرة - فاعلة من النصر ومنها اشتق اسم النصارى وهنالك قول آخر يقول بان معى كلمة الناصرة النذير أو البشير ويقول اللاأي نفسه بان المسيح كان نذيرا أو بشيرا كما يقال أيضا بان الاسم مشتق من كلمة " نيزير" وتعني التاج أي انها تاج الجليل. أما الأب يوجين هوادي فيقول غي كتابة " الدليل للأرض المقدسة "، ان الناصرة تبدو كمدينة إيطالية وليس كمدينة شرقية ويقول بان معنى كلمة الناصرة هو الزهرة أو التفتح أو الانتباه أو الحراسة وفي بعض الأحيان تفسر محروسة.[1]
التاريخ
مدينة الناصرة مدينة قديمة، عرفت وسكنت منذ القدم على الرغم من مرورها بفترات زمنية لم تكن فيها ذات أهمية كبيرة، ولم يرد ذكر لها في كتب العهد القديم أو المصادر الأدبية، ولكن هذا لا يعني أنها عرفت وسكنت فقط في العهد الجديد وبعد ميلاد يسوع المسيح. إذ أن الحفريات الأثرية دلت على أن الناصرة كانت مسكونة في العصر البرونزي المتوسط وفي العصر الحديدي. ورد أول ذكر للناصرة في الإنجيل، ففيها ولدت مريم العذراء وبشرت بالمسيح، وفيها نشأ السيد يسوع المسيح وقضى معظم حياته، ومن هنا بدأت أهمية هذه المدينة في التاريخ، وأصبح اسمها يرد كثيرا بعد ذلك في الكتب والمؤلفات، أما دخولها الأحداث التاريخية بعد السيد يسوع المسيح، فكان في الفترة التي أعقبت عام 136 للميلاد، فبعد أن خرب " نيطس " مدينة القدس في العام الميلادي السبعين، عاد اليهود فعصوا ثانية، على عهد الإمبراطور " هدريان" فأرسل إلى القدس جيشا عظيما أخضعهم ودمر القدس عام 131 للميلاد، ثم جدد بناءها في العام 136 م، وحكم بالموت على كل يهودي يدخل القدس، عند ذلك وجه اليهود قواهم وأنظارهم نحو الجليل، وحصلوا على امتياز من الإمبراطور بأن لا يدخل غير اليهود إلى بعض المدن ومن ضمنها الناصرة. فاحتجبت هذه البلدة وظلت هكذا حتى عام 250م، وبعد ذلك أخذت الناصرة تنمو وتزدهر، وكان ذلك ابتداء من الفترة الواقعة بين عامي 306 و 337م، حيث بنيت فيها الكنائس والأديرة، وفي عام 404م زارت القديسة الغنية (باولا) مدينة الناصرة وقالت عنها " ذهبنا إلى الناصرة التي هي كاسمها زهرة الجليل " وتشير الحفريات إلى أن أول كنيسة في الناصرة هي كنيسة البشارة، وكان ذلك عام 450 م.
تم دخول المدينة من قبل المسلمين عام 634م، على يد القائد شرحبيل بن حسنة فاتح شمال فلسطين، وكانت تابعة لجند الأردن الذي كانت قاعدته طبرية، ويذكر البعض أن الناصرة لم يرد لها أي ذكر بعد الفتوحات الإسلامية، فلم تذكر في الكتب الأدبية والمؤلفات، ولكن الصحيح غير ذلك، فقد ذكرت كثيرا عند الجغرافيين والمؤرخين المسلمين، إذ ذكرها اليعقوبي في القرن التاسع الميلادي، والمسعودي في الحادي عشر، والهروي في الثاني عشر، كما ذكرها أيضا ابن شداد في القرن الميلادي الثالث عشر، وياقوت في الرابع عشر، والقلقشندي في الخامس عشر. وقد لمع اسم هذه المدينة أيام إبراهيم باشا وظاهر العمر وأحمد باشا الجزار وسليمان باشا وعبد الله باشا. وعندما بدأت الحملات الصليبية على المنطقة، كانت الناصرة من ضمن المدن التي شهدت نزاعات كثيرة بين الفرنجة والمسلمين، فبعد أن استولى الفرنجة على القدس دفعوا بجيوشهم إلى منطقة الجليل شمالا، واستولوا عليها، ووضعوا حاميات لهم في بعض بقاعها ومن ضمنها الناصرة، وشرع قائد الفرنجة في بناء الكنائس في المدينة، ونقل إليها أسقفية بيسان. ثم استولى عليها المسلمون قسرا بعد معركة حطين الشهيرة، وبقيت بحوزتهم إلى أن عقدت معاهدة عام 1229 م – 626 هـ بين ملك الفرنجة والملك الكامل، وبموجب هذه المعاهدة عادت الناصرة إلى الفرنجة، بعد ذلك تناوب عليها الطرفان، فهي تارة بحوزة المسلمين وتارة أخرى تحت سيطرة الفرنجة، وعلى سبيل المثال هاجمها الظاهر بيبرس عام 1263 م – 661 هـ واستولى عليها، وبعد ذلك بثمان سنوات احتلها الفرنجة مرة أخرى، وبقيت تحت سيطرتهم حتى عام 1291م –690 هـ حين استولى عليها المسلمون على يد خليل بن قلاوون. دخلت الناصرة بحوزة العثمانيين عام 1517 م – 923 هـ. وأول من استقر بها العرب المسلمون، وفي النصف الأول من القرن السابع عشر نزلها بعض العرب المسيحيين، حيث قدم بعضهم من موارنة لبنان للسكنى فيها. وكان ذلك في عام 1630 م – 1040 هـ أما اليهود فلم يجرؤوا على دخولها حتى أوائل القرن التاسع عشر.
أثناء حصار نابليون لمدينة عكا عام 1179م – 1214هـ، بلغه أن العثمانيين جهزوا جيشا كبيرا لنجدة الجزار، بالإضافة إلى 7000 مقاتل من جبال نابلس، تجمعوا في الجليل للالتحاق بالجيش العثماني، فأرسل حملة لصد العثمانيين قبل وصولهم عكا، التقى الجيشان ثم استولت على الناصرة في اليوم التالي، وفيما بعد، اتخذها الأمير ظاهر العمر دار مستقر له مدة من الزمن، فبعد أن استقام له الوضع في المنطقة، عين أولاده جميعا كل واحد في مدينة، اختار مدينة الناصرة مسكنا ومقرا له.
بني أول مسجد في الناصرة في الفترة الواقعة بين عامي 1805 و 1808 إذ لم يكن للمسلمين مسجد في الناصرة يصلون فيه أيام سليمان باشا، وكانوا يصلون في بيت من بيوت الأمير ظاهر العمر، وفي تقويم آخر يقال بأن هذا المسجد بني عام 1814م – 1229هـ، أما الرأي الثالث فيقول انه بوشر ببناء جامع الناصرة والذي يدعى بالجامع الأبيض، على يد على باشا مساعد والي عكا. وكان ذلك في عام 1812م – 1227هـ. بدأت الويلات والمخاطر تحدق بالشعب العربي المسلم في فلسطين بشكل عام وفي الناصرة ومنطقتها بشكل خاص عام 1869م – 1286هـ، حيث بدأت المراحل الأولى من مخطط إقامة " الوطن القومي " لليهود على أرض فلسطين. وسهل ذلك بيع الحكومة العثمانية الاتحادية الأراضي والقرى في هذه المنطقة لأغنياء وسماسرة ليسوا من أهل فلسطين، لا تربطهم بأرضها أية روابط، ففي ذلك العام باعت الحكومة العثمانية الاتحادية الصفقة الأولى من أرض فلسطين لبعض تجار وأغنياء بيروت ومنهم سرسق وتويني، وقد شملت هذه الصفقة أرض الناصرة، السهل الوعر وقرى جنجار، العفولة، والفولة، وجباتا، وخنيفس، وتل الشام، وتل نور، ومعلول، وسمونة، وكفرتا، وجيدا، وبيت لحم، وأم العمد، وطبعون، وقصقص، والشيخ بريك، وفي عام 1872م – 1289هـ باعت الصفقة الثانية وشملت المجدل، والهريج، والحارثية، والياجورة، والخريبة التابعة للياجورة.
بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى، أصبحت الناصرة مركز القيادة الألمانية – التركية في فلسطين وبعد هزيمة الأتراك في تلك الحرب، دخل الإنكليز مدينة الناصرة في شهر أيلول من عام 1918م. وعليه فقد دخلت هذه المدينة العربية، كما دخلت فلسطين بكاملها مرحلة جديدة من مراحل تاريخها وهي الانتداب البريطاني، الذي مهد لإقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين العربية، ومنذ بداية الانتداب قسمت البلاد إلى خمسة ألوية هي : لواء القدس (اليهودية) ومركزه القدس. لواء يافا على الساحل ومركزه يافا. لواء السامرة في الوسط ومركزه نابلس. لواء فينيقيا على الساحل الشمالي ومركزه حيفا. لواء الجليل ومركزه الناصرة. في عام 1922م ألغى لواء الناصرة وضم إلى لواء فينيقيا تحت اسم اللواء الشمالي ومركزه حيفا، وصارت الناصرة مركز قضاء. وفي السادس عشر من شهر تموز عام 1948م سقطت الناصرة بيد اليهود.
جغرافيا
تقع الناصرة في قلب الجليل الأدنى (الأسفل) الذي هو أقل ارتفاعًا من بقية الأجزاء من الجليل، فأعلى ارتفاع فيه لا يتجاوز الستمئة متر فوق سطح البحر.[2] ترتفع الناصرة 400 متر عن سطح البحر، وهي نقطة التقاء مرج ابن عامر السهلية بمنطقة الجليل الأعلى الجبلية.[2] تبعد الناصرة حوالي 24كم عن بحيرة طبريا. وقد كان لموقعها الجغرافي أهمية منذ القدم فكانت طرق فرعية تصلها بالطرق الرئيسية التي تربط بين سورية ومصر من جهة وبين الأردن وفلسطين من جهة أخرى. وكانت القوافل التجارية تعرّج عليها أثناء مرورها في مرج ابن عامر.
لقد لعبت العوامل الجغرافية في الناصرة دورًا كبيرًا في طرق معيشة سكانها حيث حرمتهم من الزراعة، فالطبيعة لم تهيئ لهم العناصر الزراعية الغنية، فالناصرة مفصولة عن المناطق المجاورة بسبب الجبال المحيطة بها وبسبب قلة تواجد السهول فيها وقلة أمطارها ولطول أيام صيفها، وعدم صلاحية تربتها البيضاء للزراعة.[2]
المناخ
يتميز مناخ مدينة الناصرة ببرودة شتائه وكثرة أمطاره، ولكنه أيضًا يعرف بحرارة وجفاف صيفه.[2] تميز ظروف مناخ مدينة الناصرة المدينة عن باقي مدن إسرائيل وذلك لوجودها في شمال البلاد وقربها عن البحر الأبيض المتوسط، قيعطيها هذا الأمطار في الشتاء ويلطف الحرارة في الصيف.[2] رغم وجود حاجز جبلي يحجب عنها الرياح، إلا أنها لا تحصل على حصة كبيرة من الأمطار كما تتلقى الجهات الشمالية من الجليل وذلك للفرق في الارتفاع بين الجهتين.[2]
السكان
يبلغ عدد سكان المدينة اليوم حوالي 72 ألف نسمة [3] جلّهم من العرب الفلسطينيين ذوي الجنسية الإسرائيلية. تشير التقديرات إلى أن 69% منهم مسلمون والباقي مسيحيون. تعتبر الناصرة مركزا تجاريا هاما لمدن وقرى منطقة الجليل.
نشاط السكان
اعتمد سكان القضاء قديما وحديثا على مدينة الناصرة في تلبية احتياجاتهم، وكان لا بد لهذه المدينة من توفير مثل تلك الاحتياجات، فنمت وازدهرت وجد أهلها في العمل، حيث اشتغل قسم منهم بزراعة الأشجار المثمرة والخضراوات، كما راجت أعمال التجارة فيها وكانت تمثل السوق الرئيس لعشرات القرى، التي تبيع ما تنتجه فيها وتبتاع منها كل ما تحتاجه، كما ازدهرت كذلك الصناعات الخفيفة، مثل أعمال التجارة والحدادة والدباغة والخياطة والصباغة وأعمال البناء والهدايا التذكارية من سجاد ونحاس وخشب محفور، كما اشتهرت نساء الناصرة بأشغال الإبرة. وفي الناصرة معاصر للزيتون والسمسم لاستخراج الزيت والطحينة، وفيها مصانع للصابون. و قامت الناصرة منذ القدم بالوظيفة الاقتصادية لمجموعة كبيرة من القرى والتجمعات السكانية. ولا زالت المدينة تؤدي هذه الوظيفة لعشرات الآلاف من السكان العرب في المنطقة. كانت السياسة التي اتبعها اليهود منذ عام 1948م وحتى عام 1967م تجاه عرب فلسطين المحتلة تقوم على عدم السماح ببروز قطاع اقتصادي عربي، وبالتالي منع قيام مراكز سلطة اقتصادية مستقلة، وعليه فان القاعدة الاقتصادية في فلسطين المحتلة بشكل عام، كانت حتى عام 1976م ضعيفة جدا. فلم يكن العرب يملكون سوى ثلاث مؤسسات صناعية فقط، اثنتان صغيرتان تهتمان بالخياطة وثالثة للأشغال المعدنية. ضّيقت الحكومات الإسرائيلية على الزراعة العربية، ولم تصنع الوسط العربي، بل على العكس صفّت ما وجد فيها من مصانع وشركات، مثل صناعة التبغ في مدينة الناصرة. وصمدت بعض الشركات مثل شركة باصات (العفيفي) العربية في هذه المدينة، وبقيت بعد مقاومة طويلة ومريرة، كذلك فان الحكومات الإسرائيلية ترفض اعتبار الوسط العربي منطقة تطوير من الدرجة الأولى، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على جذب الصناعيين وأصحاب الشركات وهي لا تشجع ولا تدعم ولاتقيم أي مصنع في الوسط العربي بأموالها أو بأموال مشتركة. وهكذا تتصرف أيضا نقابة العمال (الهستدروت) التي تملك 25% من الصناعة اليهودية. فلم تقدم أية قروض تذكر لتشجيع الصناعة العربية. وفي الوسط العربي كله وحتى نهاية عام 1983م، كان هنالك 140 ورشة صناعية، غالبيتها الساحقة عبارة عن مخيطات وورش إنتاج مواد بناء أولية وحدادة ومناجر صغيرة. وفي المقابل نجد مستوطنة يهودية مثل " الناصرة العليا " التي أقامتها السلطات الإسرائيلية عام 1957م على أراضي الناصرة والقرى العربية المجاورة وضمن مخطط تهويد الجليل، نجد مثل هذه المستوطنة تصبح مركزا صناعيا في فترة زمنية قصيرة جدا، تحوى 160 مصنعا وورشة صناعية، في حين لم ينشا مصنع واحد في مدينة الناصرة العربية القائمة منذ آلاف السنين. وهكذا فإننا نجد مدينة عربية كبيرة في فلسطين المحتلة مثل الناصرة تخلو من المصانع والمشاريع الكبيرة، ولهذا اتجه أهلها لإعمال التجارة والخدمات وبعض الصناعات التحويلية البسيطة المتعلقة بالسياحة، مثل حفر الخشب والخزف، كما اضطر بعضهم إلى التوجه للعمل في المصانع والورش اليهودية
كان يوجد في مدينة الناصرة في بداية القرن العشرين ثلاث مدارس، واحدة في قرية سولم والثانية في قرية اندور بالاشتراك مع قرية نين أما الثالثة فكانت في قرية الناعورة بالاشتراك مع قرية تمرة، وارتفع عدد المدارس ليصل إلى 14 مدرسة في العام 1937 / 1938، منها مدرسة للبنين ومدرستان للبنات، كما وجد دار المعلمين الروسية، وازدهرت الحياة العلمية بعد إنشاء المدارس، وقد دخلت أول مطبعة لمدينة الناصرة عام 1923، مما ساعد على ازدهار الحركة الثقافية فيها.
معالم المدينة
كنيسة البشارة لللاتين
بنيت هذه الكنيسة في 15 أكتوبر سنة 1630 على أنقاض كنيسة قديمة وفوق موقع بيت مريم العذراء والمغارة.[4] كان للمغارة التي توجد داخل الكنيسة ثلاثة أبواب متقاربة، فتحت لغرض ما لا نعلمه.[4] تقسم الكنيسة إلى ثلاثة أقسام، ومدخل الكنيسة في وسطها، وبعد التقدم إلى الداخل يظهر باب المغارة وفوقه صورة المسيح وعلى الجوانب درجين كلاهما من إثني عشر درجة يوصلان إلى سطح المغارة والهيكل الكبير حيث التماثيل والصور.[4]
طول الكنيسة 21.5 متر وعرضها 15.25 متر.[4]
كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس
تقع هذه الكنيسة فوق النبع الموجود داخل المغارة الذي كانت تستقي منه مريم العذراء، والذي لا يزال قائمًا حتى الآن داخل هذه الكنيسة التي تعرف أيضًا بكنيسة الملاك جبرائيل حيث بُشرت مريم العذراء بولادتها يسوع المسيح.[5]
تقسم الكنيسة إلى قسمين: مبنى الصلاة المركزي من القرن الـ 18 والقسم القديم الذي بقي بحالة جيدة من القرن الـ 12، الذي يمكن الوصول إليه من خلال معبر مقوس مرصوف من الداخل ببلاط عثماني. نجد في القبو منبرا مرتفعا وخلفه المنبع الذي تتدفق منه مياه العين من فوق الكنيسة، عبر الكنيسة إلى السبيل الذي يقع في دوار مريم، المشهور أيضا باسم "بئر مريم".[6] كتبت على الجدران عبارة تتحدث عن البشارة والعين. في المكان الذي يبدأ فيه الرواق نجد بئر ماء مرتفعًا لتسهيل استعماله على الحجاج الذين يأخذون المياه المقدسة من هنا. فوق المذبح لوحة للبشارة.[6]
في طابق الكنيسة السفلي توجد مغاور تعود إلى القرن الأول وتشكل جزءًا من القرية القديمة، فيها جرن مع رموز لسر العماد ترقى إلى عهد الجماعة المسيحية الأولة وسبع درجات ترمز إلى مواهب الروح القدس، وبركة مرصوفة بالفسيفساء عليها رموز لستة أجواق الملائكة، والحجر في وسط البركة يرمز إلى المسيح، وعلى جدران البركة قناة صغيرة ترمز إلى نهر الأردن.[7]
كنيسة المجمع
كنيسة المجمع، كما تسمى كنيسة الروم الملكيين (الكاثوليك)، تقع في قلب السوق وتوصل إليها ساحة صغيرة بين المحلات والحوانيت، ويكتب فوقها "The Synagogue" على لافتة.[8] تعود قداسة هذا الكنيس القديم حسبما تروي التقاليد المسيحية إلى كون يسوع قد تعلم وصلى هناك.[8] كذلك، في هذا الكنيس ألقى يسوع خطبته الشهيرة يوم السبت والتي أعلن فيها أمام أبناء قريته اليهود بأنه المسيح.[9] وقد أغاظت هذه الخطبة المصلين فجروا يسوع جرا إلى جبل القفزة من أجل إلقائه من هناك، لكنه اختفى من الجبل. في الفترة البيزنطية بدأ يزور المكان مؤمنون مسيحيون وفي العصور الوسطى تحول الكنيس إلى كنيسة ونسبت له "خطبة السبت".[8]
كنيسة القديس يوسف (ماريوسف)
بنيت كنيسة القديس يوسف على المكان الذي كانت فيه كما تروي التقاليد منجرة يوسف، زوج مريم، أم يسوع، كما تنسب بعض التقاليد المكان لبيت يوسف.[10] قضى يسوع المسيح في هذه الكنيسة حياته الخفية، وحول اليهود المتنصرين هذا المكان إلى كنيسة منذ الأيام الأولى.[7] ثم شيد البيزنطيون "كنيسة الرعاية" وفيها اكتشفت آثار بئر عام 1914، لكن بعد الاحتلال العربي، تحولت الكنيسة إلى بيت سكن إلى أن جاء الصليبيون فشيدوا مكان البيت كنيسة كبيرة، لكنها عادت بيت سكن بعد رحيلهم.[7] اشترى الفرنسيسكان كل البيوت العربية في الناصرة عام 1600، وأعادوا بناء الكنيسة، ثم رمموها عام 1914.[7] أقيمت هذه الكنيسة الفرنسيسكانية عام 1914 فوق بقايا كنائس أكثر قدمًا وهي تقع في باحة بازيليكا البشارة.[10] في القبو (الطابق السفلي للكنيسة) يمكن رؤية بئر مياه قديمة، لوحات فسيفسائية، مغر ومخازن للغلال من بقايا الناصرة القديمة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد.[10] إحدى المغر استعملت، حسبما تروي التقاليد، كمحل عمل ليوسف النجار. وهذه الكنيسة أيضا مثلها مثل كنيسة البشارة لللاتين، بنيت في مكان كانت فيه قرية الناصرة في فترة يسوع. في هذه الكنيسة يمكن ملاحظة الجذور اليهودية للمسيحية: في الماضي، قبل المصلون المسيحيون فرض العماد اليهودي وبنوا في الكنيسة بركا لهذا الغرض.[10]
كنيسة البلاطة
هذه الكنيسة القديمة التابعة للرهبان الفرنسيسكان، تقع في وسط المدينة وهي لا تستقبل الجمهور اليوم. صار المكان مطلوبا لدى الحجاج ابتداء من القرن السابع عشر بسبب صخرة حجرية كبيرة التي اعتبروها المائدة التي تناول عليها يسوع وتلاميذه الطعام. يُشار إلى أن هناك صخرة حجرية أخرى المائدة المشهورة موجودة في كنيسة القديس بطرس على ساحل بحيرة طبريا. وهكذا صرنا نجد في البلاد كنيستين باسم "منزا كريستي"[11].
المائدة، المصنوعة من الحجر الجيري رممت طوال السنوات بسبب عادة المؤمنين المسيحيين أن يأخذوا منها قطعا تذكارية وأن ينقشوا أسماءهم عليها. بهدف حماية الحجر أحيطت المائدة بحزام حديدي أزيل في عام 1645 من قبل المسلمين. بعض الحجاج أشاروا حتى ابتداء من عام 1659 إلى علامات جسم يسوع التي انحفرت في الحجر. في نهاية القرن الـ 18 أقيمَ في المكان مصلى وفي عام 1861 بنيت الكنيسة من جديد وصارت تقام فيها القداديس بصورة منظمة.
كنيسة يسوع الشاب (السالزيان)
كنيسة يسوع الشاب (كنيسة السالزيان)، كما تلقب بلؤلؤة الناصرة، تقع على أعلى قمة في غرب المدينة ويمكن مشاهدتها من مسافات بعيدة تشكل نقطة بداية لرحلة مشي على الأقدام تنزل إلى السوق ومركز المدينة. الكنيسة، التي دُشنت في عام 1923، بنيت بأسلوب رومانسكي (أسلوب في التصميم المعماري من القرن الثاني عشر كانت بدايته في فرنسا) مع ساحة أعمدة واسعة حسب نموذج لكنيسة في فرنسا. على سطح الكنيسة تمثال رائع ليسوع الشاب، الفضاء الهائل للبازيليكا، وإمكانيات السمع والزجاج الملون المدهش الذي يخلق عرضا ضوئيا زاهي الألوان يضفي أجواء مقدسة مثيرة وتجعل من الكنيسة موقعًا مفضلا لإقامة الحفلات المقدسة. لوحة يسوع الشاب، المعلقة فوق المذبح، يتمشى في تلال الناصرة، تزيد من الشعور بالقداسة[12].
كنيسة القديس انطون (الموارنة أو المارونية)
تقع في حي اللاتين بجوار "منزا كريستي"، وقد انتهى بناؤها عام 1774 بعد الحصول على موافقة الشيخ ظاهر العمر الزيداني وأطلق عليها اسم القديس انطونيوس. قرب الكنيسة تلة يبلغ ارتفاعها حوالي 6-7 أمتار وهناك من يقول إن يهود الناصرة أرادوا إلقاء يسوع منها بالذات. مؤخرًا، بنيت كنيسة مارونية جديدة لكن أبناء الطائفة يواصلون الاعتناء بهذه الكنيسة. الطائفة المارونية في الناصرة موجودة منذ أيام فخر الدين المعني الثاني من عام 1620. عدد أبناء الطائفة اليوم حوالي ألف شخص[13].
الكنيسة المارونية الجديدة
الكنيسة المارونية الجديدة، تقع بجوار دير يسوع الشاب، بنيت مؤخرًا من أجل تلبية احتياجات العبادة لدى أبناء الطائفة المارونية في الناصرة. المارونيون هم كاثوليك يطلق عليهم اسم مارون الذي تنقل في المنطقة، وقدم المواعظ للسكان وجمع حوله طائفة من المؤمنين. اليوم، يقع المركز الماروني في لبنان، مقر البطريرك الماروني. في الناصرة نجد اليوم حوالي 1000 ماروني. في الكنيسة الجديدة يمكن مشاهدة عرض فني لتماثيل ورسومات للفنانين الإيطاليين Tese وLamagna الذين يصفان الخوف الأم: حرب، مخدرات وموت.
كنيسة يسوع الأنجيلية
كنيسة يسوع الأنجيلية معروفة أيضا باسم "كنيسة يسوع" أو "كنيسة المخلص".
في عام 1861 زار الناصرة بحارون بريطانيون، وعندما لم يجدوا فيها كنيسة توجهوا إلى رئيس الكنيسة الإنجيلية في إنجلترا للتذمر وطالبوه بإقامة كنيسة. بعد ذلك بعام واحد، في عيد الفصح عام 1862 زار الناصرة الأمير إدوارد أمير ويلز وتبرع لبناء الكنيسة، فقامت "الشركة التبشيرية الكنسية" ببنائها وتم تدشينها عام 1871. الكاهن السويسري جوزف تسيلر، الذي خدم الرعية طوال حوالي عشرين عامًا بذل قصارى الجهود لتنفيذ هذا المشروع. بنيت الكنيسة بأسلوب غوتي جديد حسب تخطيط المهندس السويسري شتدلر.
كنيسة سيدة الرجفة ودير كلاريس
من المرجح أن هذه الكنيسة هي نفس الكنيسة التي كانت قائمة في القرن الثاني عشر وهي ملك للراهبات البندكتيات.[16]
بنيت كنيسة "سيدة الرجفة" الأولى، كما يبدو، في الفترة الصليبية، في المدخل الجنوبي للمدينة على تلة تسمى "جبل الخوف" أو "تلة الزلزال" أو "دير البنات".[17] وقد دمرت الكنيسة في القرن التاسع عشر فبنى الفرنسيسكان كنيسة جديدة في المكان عام 1876.[17] يقع قرب الكنيسة دير كلاريس المسمى أيضا "نوتردام دي لابراوة".
صار هذا الموقع مقدسا، لأنه كما تروي لتقاليد، عندما علمت مريم بأن سكان القرية سيلقون ابنها يسوع من فوق الجبل إلى الهاوية سارعت إليه وعند الوصول إلى هذه التلة أصابها خوف شديد.[17]
كنيسة قصر المطران (سيدة الرجفة الأرثوذكسية)
مقابل كنيسة "سيدة الرجفة"، على قمة الجبل في القسم الجنوبي الشرقي لمدينة الناصرة، أقام الأرثوذكسيون كنيسة صغيرة. في هذا المكان، كما تروي التقاليد، وقع حدث "سيدة الرجفة". تم ترميم الكنيسة وهي اليوم مفتوحة امام المصلين والزوار.
بنيت الكنيسة في عام 1862 من قبل سيدة روسية تدعى ماريا كيسليفيه لذكرى سيدة الرجفة على مصير ابنها في الحادث الذي حاول السكان اليهود في الناصرة إلقاءه من قمة جبل القفزة. إلى جانبه، أقيم المنزل الصيفي الخاص بالأسقف اليوناني الأرثوذكسي وحاشيته. الكنيسة والمنزل الصيفي مهملان اليوم، لكن ما زلنا نستطيع ملاحظة بقايا رسومات القديسين.
جبل القفزة
جبل القفزة هو جبل ذكر في العهد الجديد في (لوقا 4 :عدد 29-31) " فقاموا وأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلى أسفل. أما هو فجاز في وسطهم ومضى وانحدر إلى كفر ناحوم مدينة من الجليل." يقع هذا الجبل إلى الجنوب الشرقي من مدينة الناصرة، وله قمّتان متقابلتان، ويرتفع 390 متراً عن سطح البحر. وهو جبل صخري، مطل على مرج ابن عامر، وبه آثار لدير قديم من العصور الوسطى، منحوته في الصخر. كما يوجد أيضاً بقايا بركة وقبور منحوتة في الصخر. سمي هذا الجبل بالقفزة لاعتقاد سكان الناصرة في ذلك الحين (وكانوا من اليهود)، بأنه الجبل الذي حدثت فيه عجيبة اختفاء السيد المسيح حين قفز عنه واختفى من بينهم عندما لاحقوه، ولقد اكتشفت الكنيسة القائمة عليه منذ العهود القديمة.
الجامع الأبيض
الجامع الأبيض هو أحد أبرز معالم الناصرة، وهو أول مسجد للإسلام في الناصرة.[19] تأسس المسجد في الناصرة على التقوى والصلاح في أرض مباركة ليكون مركزًا لصلاة المسلمين ودار ندوة وعلم وصلاح لهم، فهو يثبت العقيدة عند المسلمين وهذا يعكس الأثر في بناء مجتمع يقوم على الإيمان وليس على المظاهر وليكون منطلقًا للعلم وللعقيدة، وللفكر الإسلامي وذلك بتطبيق التعاليم وبتنفيذ الأوامر إذا كان ذلك بالاجتماع على الهدى أو بالسجود والركوع وبمتابعة أقوال وأعمال النبي محمد.[19]
مسجد السلام
مسجد السلام هو أحد احدث المساجد في الناصرة.[20] وأول من فكر في بناء هذا المسجد هم أهل الحي الشرقي، أكبر الحارات الإسلامية في الناصرة.[20] اتفق أهل الحي الشرقي المسلمون المؤمنون في اجتماع عام 1960، على جمع تبرعات لبناء مسجد جديد في الناصرة.[20]
مسجد النبي سعين
النبي سعين هو مكان فيه مقام مقدس عند المسلمين، يقع هذا المقام في أعلى نقطة من مدينة الناصرة، على جبلها الشمالي الغربي، ويرتفع 450 متر عن سطح البحر.[21] لقد نُسب الجبل الذي يقع عليه مسجد النبي سعين للمسجد، فيقال جبل النبي سعين.[21]
مقام الشيخ عامر
هو قبر مقدس يطلق عليه اسم الشيخ عامر الدين ويقع بجوار الكنيسة الإنجيلية. أقيم المبنى الذي في الموقع عام 1911 من قبل حسين بك أباظة الذي كان موظفا تركيا في الناصرة. حسب التقاليد المحلية كان عامر الدين شقيق شهاب الدين. وقد حارب عامر الدين إلى جانب خاله صلاح الدين ضد الصليبيين واستشهد دفن في الناصرة.
الأحياء
مدينة الناصرة شأنها شأن جميع مدن فلسطين، تقسم إلى حارات أو أحياء تحمل أسماء مختلفة، وعادة ما تنسب هذه التسميات إلى عائلات من سكان المدينة نفسها تعيش في تلك الحارة أو في ذلك الحي، وكانت كلمة (محلة) والتي تعني حارة شائعة جداً في الناصرة، إضافة إلى ذلك كانت بعض تسميات الحارات ترتبط بموقعها بالنسبة للبلدة نفسها، فيقال مثلاً الحارة الشرقية، وأحياناً أخرى تسمى الحارة لموقعها الطبوغرافي في البلدة، فيقال الحارة الفوقا والحارة التحتا. أما الأسواق في الناصرة فقد أخذت تسميتها من المهنة التي تمارس فيها مثل : سوق الصباغين، سوق القهاوي، سوق الخضرة، سوق الصياغ، سوق السكافية، سوق المواستية والحدادين، سوق النجارين وغيرها من التسميات.
قسم من المعلومات مأخوذ من ويكيبيديا،
النصوص منشورة برخصة المشاع الإبداعي: النسبة-الترخيص بالمثل 3.0. قد تنطبق مواد أخرى. .