عمّان
مدينة عمّان هي عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية ومركز محافظة العاصمة. تُعد أكبر مدن المملكة من حيث المساحة وعدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها مع الضواحي المجاورة (عمّان الكبرى) حوالي 2,200,000 نسمة،[3] وتبلغ مساحتها 1,680 كم².[4] تقع المدينة في وسط المملكة على خط عرض 31 شمالاً وخط طول 35 شرقاً[5] في منطقة تكثر فيها الجبال، فنشأت المدينة في الوديان بين الجبال أولا فضاقت على سكانها، فارتقوا سفوحها واستمروا في الاتساع عبر قممها حتى انتشرت المدينة بأطرافها فوق 20 جبلا.[4][6]
تُعتبر عمّان المركز التجاري والإداري للأردن وقلبه الاقتصادي والتعليمي، حيث أصبحت عمّان نقطة استقطاب للكثير من الجاليات العربية لموقعها المتميز ولعمارتها المعاصرة، كما تستقطب عمّان الكثير من السياح سنوياً من أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان وأستراليا ومن الدول العربية المجاورة والقريبة، وكثير من عائلات دول الخليج العربي تحديداً، إذ تكثر بها المعالم السياحية عموماً والعلاجية الطبية خصوصاً.[7] كان من نتيجة وقوع عمّان في مثل هذا الموقع الاستراتيجي في بلاد الشام والشرق الأوسط، أن أصبح موقعها يتحكم بالاقتصاد الوطني ويُحرّك 90% من الاستثمار على المستوى الوطني.[8]
يرجع تاريخ مدينة عمّان إلى الألف السابع قبل الميلاد، وبهذا تعتبر من أقدم مدن العالم المأهولة بالسكان إلى يومنا هذا.[9][10] وعمّان مدينة قديمة أقيمت على أنقاض مدينة عرفت باسم "ربّة عمّون" ثم "فيلادلفيا" ثم "عمّان" اشتقاقاً من "ربة عمّون"،[4] واتخذها العمّونيون عاصمة لهم.[5] وقد أنشئت المدينة على تلال سبعة، وكانت مركزا للمنطقة على ما يبدو في ذلك الوقت، وهي إحدى عواصم بلاد الشام الأربع، وهي أيضا إحدى المدن الشامية القديمة التي أصبحت عاصمة لإمارة شرق الأردن ومن ثم المملكة الأردنية الهاشمية بعد استقلالها في العام 1946 عن بريطانيا.[4]
يسكن عمّان الحديثة مجموعة متنوعة من السكان من أصول مختلفة أتوا من مختلف المناطق، منهم من أتى من فلسطين ومنهم من أتى من القوقاز ومنهم من سوريا والعراق ومن مختلف أنحاء الأردن وخاصة من محافظة الطفيلة.[5][11]
شهدت أمانة عمان الكبرى مؤخرا تطورا كبيرا، حيث توسعت عمّان بشكل مدروس لم تشهده المدينة من قبل. ونالت خطة مدينة عمان الشمولية جوائز عالمية منها جائزة القيادة العالمية في تخطيط المدن وجائزة المدينة عن قارة آسيا لعام 2007.[12][13] يبلغ عدد المناطق الإدارية في أمانة عمان 27 منطقة موزعة جغرافيا تحوي كل منطقة طاقم متكامل من الموظفين، أما من الناحية الإدارية هناك مجلس أمانة عمان الكبرى الذي يضم 68 عضوا برئاسة أمين العاصمة، والمجلس مقسم بدوره إلى 14 لجنة مختلفة.[8]
يشار بالذكر إلى أنه تم تصنيف عمان عالميا، كواحدة من أفضل مدن الشرق الأوسط من ناحية الاقتصاد والبيئة وسوق العمل والعوامل الإجتماعية - الثقافية
التسمية والتاريخ
العصور القديمة
يعود تاريخ المدينة إلى أكثر من 7,000 سنة قبل الميلاد،[4] ومرّت عليها حضارات عديدة دلّت عليها الآثار المنتشرة بأرجاء المدينة. فالمدرج الروماني هو أحد الآثار المتبقية من عهد الرومان وجبل القلعة بآثاره المختلفة يدل على الحضارات العمونية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والأموية. والرجم الملفوف في جبل عمان المطل على وادي صقرة أحد ما تبقى من حضارات فترة ما قبل التاريخ لعبّاد الطبيعة وعناصرها كالشمس والقمر والنجوم.[4]
قدم إليها الحيثيون والهكسوس ثم قبائل العماليق الأقدمين تلتهم قبائل بني عمون، أو العمونيين، [15] الذين أعطوا المدينة اسمهم فأطلقوا عليها في البداية اسم ربة عمّون، والربة تعني العاصمة أو دار الملك ثم سقطت مع مرور الزمن كلمة ربة وبقيت عمون حتى أطلق عليها الأمويون اسم عمّان.[4]
لم تقف عمـون بوجـه الآشوريين، في بداية الأمر، ولكن العمونيين ظلوا في مقاومة مستمرة ضد البابليين أثرت سلبيا ًعلى الوضع الاقتصادي، كما أن البابليين استمروا في هجومهم على الأجزاء الجنوبية من الإمبراطورية الآشورية، في عهد الملك نبوخذ نصر، واستطاعوا السيطرة عليها، وانضم العمونييون إلى الحلف الآرامي لمقاومة النفوذ الآشوري في بداية القرن التاسع قبل الميلاد ،ولكن الآشوريين إستطاعوا احتلال مملكة العمونيين، وقرر الملك الآشوري " سنحاريب " منح عمون الاستقلال الذاتي، وكان للسيطرة الأشورية أثر في استتباب الأمن مما مكن العمونييون من السيطرة على جزء ٍ كبير ٍ من طرق القوافل التجارية.
في عام 612 ق. م، ورث البابليون أملاك الآشوريين في آسيا، ثم في عام 590 ق. م قام ملك مصر بغزو بلاد الشام وهي فلسطين وشرقي الأردن، ثم قام نبوخذ نصر ملك البابليين آنذاك في عام 586 ق. م، بسبي أهالي أورشليم وأعاد البلاد إلى سلطانه.
في عام 539 ق.م إستطاع قورش الفارسي القضاء على الإمبراطورية البابلية، وإقامة الإمبراطورية الفارسية، ثم إستولى الفرس على فلسطين والأردن، ودخلوا عمان، وأصبحت في تلك الفترة تحت حكم الإمبراطورية الفارسية، ومنح الفرس عمان الاستقلال الذاتي في الفترة ما بين 540 ـ 332 ق. م، إلا أن اليونانيين قضوا على دولة الفرس عام 332 ق.م، وبدأت فترة الإمبراطورية اليونانية.
سيطر الإغريق البطالسة على المنطقة بما فيها ربة عمون التي أبدل اسمها بطليموس الثاني عام 285 ق.م إلى اسم "فيلادلفيا"- ويعني مدينة الحب الأخوي؛[16] نسبة للقائد "فيلادلفيوس" وجعل من جبل القلعة موقعا للمعابد كجبل الأكروبولس في أثينا.[17] انتعشت في هذا العهد منطقة عراق الأمير، نسبة لقصر الملك طوبيا المعروف بعراق الأمير.[4]
انقسمت عمان لتصبح جزءاً من الدولتين النبطية والسلوقية إلى أن استولى عليها الملك الروماني "هيرودس" في العام 30 ق.م.[4] وبهذا تدخل المدينة العهد الروماني ومن ثم البيزنطي حتى منصف القرن السابع.
السكان
يعود أول تواجد بشري في مدينة عمّان إلى 9 الآف عام، حيث تشير آثار عين غزال شرق العاصمة إلى هذا.[40] وخلال هذه الفترة الطويلة، شهدت المدينة الكثير من الحضارات كان أهمها العمونيون، وبعد ذلك إحتل المدينة كل من اليونان والفرس والرومان والبيزنطيون. وبعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام استمر التواجد البشري فيها حتى دخلت دفتر النسيان في نهاية العصر المملوكي أي في القرن السادس عشر، إلى أن تم إعادة اكتشافها في نهاية القرن التاسع عشر، وهجرة شعوب مختلفة من القوقاز، الذين تعرض كل منهم لاضطهاد في بلاده، فقامت الدولة العثمانية بتوزيعهم على أراضيها، وكانت عمان أحد هذه الأراضي. وبهذا، يبدأ تاريخ التواجد البشري في عمان الحديثة، حيث بدأت الحياة تدب في عمّان المعاصرة شيئا فشيئا بعد هجرة الشركس في بادئ الأمر من القوقاز عام 1880 أو قبله بقليل، وخاصة إلى محلتي الشابسوغ والمهاجرين [41]، ومن ثم هجرة كل من الأرمن والشيشان.[42] ثم مالبثت أن إستقبلت المدينة الكثير من العرب من مختلف المناطق، وبالأخص ذوي الأصول الأردنية (الذين سكن بعضهم تجمعات محددة، مثل حي الطفايلة الذي يعد أكبر تجمعي لأبناء المحافظات في العاصمة ويقع في جبل الجوفة)، مع المواطنين ذوي الأصول الفلسطينية الذين هاجروا من مختلف مناطق فلسطين، والذين تزايدوا بشكل كبير، حتى أصبح العرب هم الغالبية المطلقة.